
مع التطور التقني المتسارع في العالم، أصبحت الهجمات السيبرانية واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصادات العالمية. فقد أظهرت تقارير حديثة مثل تقرير البنك الدولي لعام 2024 أن الجرائم السيبرانية تكلف العالم مليارات الدولارات سنويًا، مع توقع وصول الخسائر إلى 9.5 تريليون دولار خلال العام الجاري. ولمعالجة هذه القضية العالمية، أعلنت المملكة العربية السعودية، بالشراكة مع المنتدى الدولي للأمن السيبراني، عن إطلاق مركز اقتصاديات الأمن السيبراني في الرياض، الذي يمثل خطوة جديدة نحو الريادة في هذا المجال.
خلفية عن الجرائم السيبرانية وخسائرها
تعد الهجمات السيبرانية إحدى أخطر التهديدات الحديثة، حيث تعتمد 95% منها على الأخطاء البشرية وفقًا للبنك الدولي. هذه الهجمات لا تستهدف الأفراد فحسب، بل تمتد لتشمل البنى التحتية والمؤسسات المصرفية والشركات الكبرى. على سبيل المثال، كشف تقرير شركة “هاودن” العالمية للتأمين أن 20% من موظفي الشركات البريطانية تعرضوا لهجمات سيبرانية بين عامي 2019 و2024، مما تسبب بخسائر وصلت إلى 55 مليار دولار.
السعودية تقود الجهود العالمية
في مؤتمر دافوس العالمي الأخير، أعلن عن إنشاء مركز اقتصاديات الأمن السيبراني في الرياض كمنصة تجمع الحكومات والشركات والأكاديميين لمعالجة القضايا السيبرانية. ويهدف المركز إلى:
- توفير الأدوات المعرفية والدراسات لدعم صناع القرار في مواجهة التحديات السيبرانية.
- تعزيز الاستثمارات في قطاع الأمن السيبراني، حيث يُتوقع أن تصل قيمة سوق الأمن السيبراني العالمي إلى 562 مليار دولار بحلول 2032.
- تمكين قادة المستقبل من خلال تطوير سياسات فعالة لحماية الاقتصاد العالمي.
جهود السعودية في الأمن السيبراني
لم تكن جهود السعودية في قطاع الأمن السيبراني وليدة اللحظة، بل بدأت مع رؤية 2030، التي ركزت على تنويع الاقتصاد وجعله مستدامًا. ومن أبرز المبادرات السعودية:
- تأسيس الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في عام 2017، لتطوير الكوادر الوطنية وتشجيع تبني أفضل الممارسات العالمية.
- إطلاق الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، الذي نظم فعاليات مثل “بلاك هات”، أكبر فعالية تقنية في الشرق الأوسط وإفريقيا.
- المنتدى الدولي للأمن السيبراني، الذي عُقد لأول مرة في عام 2020، واستقطب آلاف الخبراء والمسؤولين من أكثر من 120 دولة.
تأثير هذه الجهود
أسفرت هذه الجهود عن نمو سوق الأمن السيبراني في السعودية، حيث بلغ حجم الإنفاق في القطاعين العام والخاص 13.3 مليار ريال، مع توقع نمو سنوي مركب بنسبة 13.78% حتى عام 2029. كما تم تصنيف السعودية كواحدة من الدول الرائدة عالميًا في الأمن السيبراني من قبل الأمم المتحدة في عام 2024.
الرياض .. مركز عالمي جديد
مع إطلاق مركز اقتصاديات الأمن السيبراني، استقطبت الرياض اهتمام الشركات التقنية العالمية مثل أمازون، ألفابيت، مايكروسوفت، وأوراكل، التي بدأت بنقل مقراتها إلى المملكة. ويُتوقع أن يساهم المركز في تقليل خسائر الجرائم السيبرانية، وفتح آفاق جديدة للاستثمار والابتكار، بما يعزز من مكانة السعودية كقائد عالمي في هذا المجال.